الاثنين، 22 يناير 2018

كونك شخص يحتضر .. ماهي نصيحتك للبشر الأحياء .. ؟


في عام ٢٠٠٩ تم تشخيصي ب glioblastoma  
 سرطان الدماغ من الدرجة الرابعة ، و بعد إجراء العملية أتاني طبيب الأورام حاملاً معه الأخبار السيئة ، و التي تشير أن الأمور لا تبشر بخير، ثم قدّم خطة علاجية تتراوح بين ستة أشهر  إلى ٩ أشهر و قد تصل إلى السنة

خلال ذلك الوقت كنت خاطباً و أستعد للزوج في غضون بضعة أشهر، بعد ذلك انفصلنا، لم أفهم المغزى من أن أترك خلفي أرملة و أحطم قلبها ، لم يَعُد لديّ أي رغبة بمتابعة أي أمر آخر في الحياة.. 

كان وقتاً عصيباً جداً،  و كان كل شيء مقفلاً في وجهي ، أردتُّ أن أستقيل من وظيفتي لكن تمكن مدرائي من إقناعي بالبقاء و العمل بجدول مُخَفّف

شرح لي الأطباء وضعي الصحي، سيكون متوسط العيش سنة واحدة ، و التي قد تعني ثلاث سنوات للبعض أو ستة أشهر للبعض الآخر، و أنّ علي أن أتحلى ببعض الإيجابية 
و أفترض أنني  سأبقى على قيد الحياة لمدةٍ أطول


و بمتابعتي للذهاب إلى العمل ، أبقيتُ نفسي منشغلاً،  لم أفكر كثيراً بالسرطان.. سافرتُ و قمتُ ببعض الأمور التي طالما أردت القيام بها، و زرتُ العديد من الأماكن التي لطالما وددتُ أن أزورها. أعدّتُ زيارة بعض الأصدقاء و خرجتُ مع أولئك الذين أحبهم حقاً ، و تخلصتُ من  الذين يسببون لي الحزن أو يُشعرونني بالشفقة

و كان هناك بعض الأشخاص الذين لا يعلمون ماذا يقولون لك فيتسم الأمر معهم بالغرابة، لم يكن هذا شيئاً تودّ الحديث عنه مع الجميع ، فأنت تريد فقط أن تشعر بتحسن و أن لا تَشعر بالإحباط طوال الوقت.

أيضاً بدأت أميلُ لأن أكونٓ مُخفّفاً (minimalist)، لم تعد لدي الرغبة في الحصول على الأشياء الجميلة التي طالما حلمت في اقتنائها، فحياتي كانت على وشك التوقف.  

على الرغم من ذلك، و مع مرور الوقت بدأت أشعر بسعادة أكبر، أصبح لديّ اهتماماً خاصاً بوالديً، فصرتُ أمضي وقتاً أكثر معهم و مع عائلتي فهم مصدر سعادتي، و لسوء الحظ  لم أدرك ذلك مبكراً

و الآن و بعد مرور  ثمانية أعوام لا أزالُ على قيد الحياة ،  رغم أن السرطان عاود الظهور عدة مرات، و و رغمَ إصابتي بشلل نصفي، ما زلتُ نشيطاً أذهب للعمل و أشاركُ في الأعمال الخيرية و أحاول أن أبقي نفسي منشغلاً و فعالاً.

كان عمري ٣٢ عاماً عندما تم تشخيصي بالمرض و الآن و أنا على عتبات الأربعين أشعر أنني أكثر نضجاً و أعتقد أن العمر له تأثير بالغ على كيفية تلقينا لأنباء صعبة كهذه ، فالحياةُ تمضي في نهاية المطاف و الطريقة التي تتلقى فيها الأمر هي التي تصنع الفرق، ابقَ منشغلاً و لا تجعل عقلَك يهيمُ كثيراً فلا أحد يعلم متى سيحين أجله.
نعم، ستكون هناك صدمة في البداية ، حاول أن تتجاوزها، ثم تقبَّلِ الأمر و ستشعر بالسكينة بعد حين..

 و يمكنني تلخيص النقاط المهمة بالآتي:

  • لا أحد يعلم متى ستموت، و لا يملك الأطباء سوى الإحصائيات

  • السعادة تَكمن في البساطة و التفاصيل الصغيرة، كقضاء الوقت مع العائلة، و قراءةِ كتاب جيد، و الاستماع إلى موسيقى جميلة،  و الاستمتاع بفيلم ، إضافة إلى إلى قضاء وقتٍ على الشاطئ و تأمل الغروب.. الطبيعة.. الغابة .. العصافير..

  • عبر ممارسة العمل الخيري صرتُ أقدّر قيمة ما أملك ، هناك الكثير من المعوزين الذين يحلمون بما لدينا والذي قد نعتبره من المُسَلّمات، كالماء المنسكب من الصنبور.. الكهرباء ..  الطعام .. الأدوية .. و العائلة.

  • في كل ليلة، أحاول ذكر عشرة أمور -على الأقل-أنا ممتن لوجودها قي حياتي.

  • صرت أُخصِّصُ كراسة يوميات أُدوِّنُ فيها كلَّ ما يجعلني  سعيداً فعلاً و أعمل المزيد من ذلك.
* مترجم
https://steemit.com/life/@mhasanali381/as-a-dying-person-what-is-your-advice-to-the-living

الاثنين، 15 يناير 2018

لو تعرّض طفلك الذي يرتاد المدرسة الإعدادية للتنمر، كيف تتصرّف ؟

عندما كان ابني الأكبر في المدرسة الإعدادية ، جاء إلي في ظهيرة احد الايام باكياً حيث قام أحد الفتيان بخلعِ بنطاله في الحافلة أمام الجميع ، شعر ابني بالحرج و المهانة و لم تكن هذه  المرة الأولى التي يحدث فيها شيءٌ من هذا القبيل. و ما زاد من فداحة الأمر أن هذا الفتى كان صديق ابني في الماضي مما ولّد عنده شعور عميق بالغدر و الخيانة
لقد آلمني أن أرى ديفيد مضطرباً هكذا، فكرت قليلاً ثم أخذته إلى القبو حتى نضع استراتيجة معاً

قلت له " من الآن فصاعداً، عليكَ أن تخلع نظّارتك قبل أن تركب الحافلة، ضعها في الجراب ثم في الحقيبة ثم قم بحمل حقيبتك من الأمام، هكذا. "

قمتُ بحملِ حقيبتِه على صدري من أجل التمثيل و قلت له " الهدف هو أن لا تجعل حقيبتك على ظهرك بعد الآن، عليك أن تتمكنَ من الحركة دون أن تُثقل عليك كتبك".   
"هل رأيت؟ هذا جيد. إذا جاء هذا الفتى خلفك ، ارمِ حقيبتك هكذا، تحرّك بسرعة إلى اليسار ثم سدّد قبضتك اليمنى باتجاه أنفه و بلا تردد . لن يتوقعَ ذلك أبداً".

"سدّد لكماتك بكلّ ما أوتيت من قوة ، ثم استمر على هذا حتى يتراجع، ستعرف كم يلزمك من الوقت حتى تتوقف. لكن أهم ما في ذلك أن تقوم بذلك بسرعة و بخفة، و بدون تفكير في الأمر. يجب عليك أن تلتزم بذلك. حسناً الان لنقم بممارسة ذلك بضع مرات".
 
أومأ ديفيد برأسه ، ناولتُه  حقيبته و التقَطَها كما فعلت.
التقطتُّ وسادة كانت على الأريكة و رفعتها على صدري، ثم قلت له" ستقوم الآن بضربي هنا، و لن تتراجع، مفهوم؟ جيد. أريد أن تتصور مشهد أنكَ على الحافلة غداً ، تخيّل المشهد في عقلك، أقصد، كأنك تشاهد فيلماً سينمائيا. هل أنت  في الحافلة الآن؟ جيد. إنها محطتك ، أنتَ تنهض من مقعدك، الآن قم بالالتفات و ابتعد عني قليلاً و كأنك تمشي في ممر الحافلة
.
مشى بضع خطوات، تسلّلتُ خلفه ثم اقتربتُ منه و صرخت:   
" الآن !" 
رمى ديفيد حقيبته، و استدار بسرعة. قلت له "الكمني، و لا تتوقف حتى أطلب منك ذلك!" 
لوّح قبضته الصغيرة و بعينين متّقدتين، سدّدَ لكماته الواحدة تلو الأخرى ، حتى تثاقلت أنفاسُه
قلت له:
" جيد!، حسنناً لنفعل ذلك مرة أخرى".
قمنا بإعادة ذلك مراراً و تكراراً أجرينا خلالها بعض التعديلات في كل مرة، و أخيراً لما استوت قواه و سدد عدة ضرباتٍ قاضية.


قلت له " حسناً يا صديقي أنت مستعد الآن، اسمعني جيداً، قد تقع في بعض المتاعب في المدرسة إذا وصل بك الأمر أن تخوض في عراك لكن هذا لن يكوّنَ أيّ مشكله لك في المنزل، هل هذا مفهوم؟ أريدكَ أن تعلمَ أنّ بإمكانك فعل هذا و سيكون هذا خيارك ، والداك سيدعمانك لأنك إن لم توقف هذا الفتى عند حده سيصبحُ الأمرُ أسوأ و لا أريده أن يصبح كذلك، هل هذا واضح؟".  
  
أومأ ديفيد برأسه ، ربتُّ على رأسه و قد انتهى درسنا لهذا المساء و بينما أصعد السلالم تساءلتُ في داخلي إنْ كان ابني سيتمكن من القيام بهذا مع أنني أدرك في داخلي أنه لديه القدرة على مواجهة هذا المُتَنمِّر، لكننّي لم أكن متأكداً ماذا سيفعلُ بالضبط في لحظة المواجهة، لكن على الأقل كنت أعلم أنه كان مستعداً

في اليوم التالي، و عندما عدت من العمل كان ديفيد مبتهجاً ، فقد سار الأمرُ كما خططنا تماماً ، قام ديفيد بإعادة تمثيل المشهد أمامي، و أراني كيف ألقى حقيبته على  الأرض ، و كيف التفت بخفٌة ليضرب المتنمر في عينه، و يُتبعها بثلاث ضربات سديدة و كيف هتف جميع من في الباص له.

قلت له أني فخور به و أن هذا الأخرق سيتعلم أن لا يسخر من الآخرين و قلت لابني "ربّما كنت قد أنقذت أيضاً فتى آخر من التعرض للأذى يا ديفيد".

و لم تحدث أيّ تداعيات على الحادث عدا أن والدا المتنمر قد اتصلا بنا بعد اكتشافهما أن ابنهما كان يضايق ابننا منذ مدة، و قد أرغما ابنهما على الاعتذار لديفيد ثم تصالح الاثنان ، و بعد ذلك قد صار الأولاد يأتون إلى ديفيد في الممرات قائلين: 
  " يا للهَول! لقد لقنت هذا الحقير درساً لن ينساه".  


و رغم مرور عشرين سنة ، لا يزال ابني يتكلم عن هذه التجربة فقد كانت لحظة حاسمة في حياته حيث تعلّم أنه أحياناً عندما تتعامل مع المستبدّ فإن العنف ليس مهماً فحسب، بل هو واجبٌ أخلاقيٌ. في الحقيقة لا يمكنك الحوار مع المتنمرين فاللغة
الوحيد التي يفهمها المتنمرون هي القوة،  و لقد تعلم ابني أيضاً أنه قادر على الدفاع عن  نفسه و ذلك بشجاعته و بقدرته على اتخاذ القرارات الصعبة لذلك يمكنني القول أنني كأب ممتنٌ لظهورِ متنمرٍ في حياة ابني



ً*مترجم من quora